ذا كان النظام الرأسمالي قد دشن ما يسمى باقتصاد السوق، فإن القيم المقدَّسة الناظمة لهذا المجال هي التسويق والربح، ولذلك ما فتئت هذه المنظومة تَصْنَعُ سلوكيات اجتماعية واتجاهات نفسية استهلاكية تقدم تصورات عن الحياة والسعادة والنجاح وكلها تسعى لخدمة الرأسمال، ويشكل الإعلام بكل فروعه المكتوبة والمرئية والإلكترونية السلاح الفاعل في هذه المعركة·
هكذا تجد البشرية نفسها وجهاً لوجه أمام ثقافة جامحة مرجعيتها هي مصلحة السوق بدل الدين أو العقيدة أو الضمير أو الأخلاق أو حتى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وإذا كانت تلك المرجعيات معترف بها من الناحية النظرية، لكن تتم التضحية بها بشراسة في لحظة لو سارت في اتجاه معاكس مع الربح، كأن تحدث خللاً في أسهم البورصة أو تخفض معامل المبيعات·من هنا يمكن أن نفهم التناقضات العميقة والصادمة في القيم الغربية، فإلى جانب أروع صور التكريم للإنسان تقف أحد أنواع إهانته واستعباده وفي السياق نفسه، نلاحظ أنه مع أرقى صور احترام المرأة وإعطائها كل فرص المشاركة تقف صور أخرى تجسد أحط أنواع استرقاقها، وداخل هذا الإطار الفلسفي النفعي يمكن أن نحلل صورة المرأة في الإعلام·
إذا كان الإعلام خاصة المرئي منه قد فتح ذراعيه للمرأة واستقطبها بقوة فإن السؤال الملح الذي يطرح نفسه هو:
هل كان ذلك بدافع التمكين للنساء؟ ثم تتداعى تبعاً لذلك أسئلة أخرى، في أي اتجاه وظفها؟ كيف يقدمها للمشاهد أو القارئ ثم كيف يبني المجتمع تدريجياً تصوره الجديد عن المرأة؟·
استقراء يومي بسيط لصورة المرأة في الإعلام يؤكد نمطية هذه الصورة التي قذفت بها العولمة خارج أسوارها الأصلية في الغرب، فتكاد جميع قنوات الإعلام الدولي تتفق ضمناً على مشروعيتها، وقد تم اختراق المشهد الإعلامي العربي والإسلامي مع انتشار الفضائيات ليفرض هذا الأنموذج المعلوم نفسه بعنف على المشاهد· وهكذا لم يعد هناك حد فاصل مميز بين صورة المرأة في الإعلام الغربي المستوحاة من مجلات الإباحية وبين نظيرتها في الإعلام الغربي، لقد عملت هذه الصورة على رسم معادلات جديدة ومفاجئة تسيج علاقة المجتمع بالمرأة في ثلاث دوائر منفصلة بعضها عن بعض فهناك المرأة الجسد من جهة، والمرأة الأم والزوجة من جهة أخرى، والمرأة العاملة من جهة ثالثة، والانفصال التام بين هذه الدوائر وبالتالي الأدوار المنتظرة منها كان وراء التخبط والتناقض الذي صار يعاني منه الوعي العربي والإسلامي حيال نظرته لدور المرأة في المجتمع، فلا الحداثة العلمانية استطاعت أن تثبت كفاءة المرأة من دون أن تمتطي فتنة جسدها، ولا الحركات الإسلامية حسمت خلافاتها حول ضرورة مشاركتها في الحياة العامة من دون الخوف عليها من الامتهان والابتزاز، وفي جميع الحالات يكتسح المد الغربي المجال مفصلاً لنا على مقاس إعلامه دور المرأة في الحياة من خلال صورة ندرج بعض مواصفاتها· في كل وسائل الإعلام حيث يكون التماس مع جسد المرأة أكثر منه مع عقلها وفكرها، وإبداعاتها وتستحضر الأنثى في بعدها الغرائزي كمادة للفرجة والإثارة ، بينما الواقع يحفل بأدوار أكثر تنوعاً وعطاءً من تلك الأدوار المبتذلة التي تحاصر المرأة مع سبق الإصرار والترصد داخل السوق·.
إن الباحث مهما حاول أن يكون موضوعياً ويلغي قناعاته المسبقة ويشتغل بأدوات محايدة، فإنه للأسف يصل إلى خلاصة مفادها أن الإعلام العولمي يلعب دوراً طلائعياً في طمس الأدوار الحضارية للمرأة طمساً ممنهجاً يقوم على القهر وقلب سنن الطبيعة وفرض رؤية وحيدة تجعل المجتمع الإنساني لا يرى في المرأة إلا مشروعاً جنسياً مشاعاً عبر الصورة ثم يتجسد ذلك عبر شبكات العلاقات الاجتماعية اليومية، وهذه فعلاً هي العقيدة الذكورية في أحط مستوياتها، وهي عقيدة غربية الجذور والمنشأ والتطور، وتشكل ارتداداً بالإنسانية إلى الخلف ضد أعلى حقوق الإنسان والأعراف والأديان السماوية·
الأنموذجات النسائية المتوجة في القرن الواحد والعشرين·
الأنموذجات النسائية التي يتم تسويقها وإبرازها كمثل أعلى للمراهقين والمراهقات هن الممثلات وملكات الجمال ، وكلهن حاملات لرسالة الجسد بامتياز واحتراف، وبفعل التلميع الإعلامي لهن تتم قولبة أذواق الأجيال وتسطيح طموحاتها في الوقت الذي تخدَّر عن مشكلات شعوبها من أمية وفقر واستبداد واستعمار ونهب لثرواتها، بالمقابل يتم تهميش المبدعات والرائدات في مجالات إنسانية اللواتي أكثر إشراقاً وهن موجودات لكن التعتيم الإعلامي المضروب حولهن عرض إنتاجهن للكساد، بل حتى الصحافة النسائية المتخصصة لا تقدمهن بالإلحاح نفسه والإبهار اللذين تقدم بهما ملكات الجمال أو الفنانات·
والصورة التي نحتها الإعلام المذكور في العقل الباطن للمجتمعات العربية والإسلامية تفجرت على شكل إصابات جسمية في الفكر والسلوك معاً
نذكر منها:
في المجال العام:
ـ التسطيح الثقافي للأنثى التي أصبح همها أن تكون جميلة وكفى، مهما كلفها ذلك من جهد ومال وركض محموم وراء التقليعات التي لا تنتهي والرابح الوحيد في هذا السباق هو الرأسمالية الغربية المحتكرة للعطور والمكياج وجل أدوات الزينة، بل حتى النساء المثقفات يقعن في الفخ، حيث لابد للإغراء أن يشكل في زاوية ما حلقة من حلقات الارتقاء والنجاح والقبول في المجتمع، وعليه تطلع علينا الصحفيات المقتدرات مهنياً عبر التلفاز كغانيات المراقص حريصات على إبراز مساحة عريضة من الصدر، أو جزء من الثدي، وبوجه فيه كل ألوان الطيف، بينما يقف زميلها الرجل إلى جانبها بلباسه السابغ الساتر، لتعكس الآية في فضائيات يفترض أنها في امتلاك دول مسلمة،
أما في المجال الأسري الخاص
فهناك اضطراب في علاقة المرأة بالرجل داخل مؤسسة الزواج، فكل امرأة مهما كانت جميلة لا يمكن لها أن تجمع درجات الإثارة المبثوثة في مئات من غانيات الفضاء، وتشتد الأزمة عندما يغيب الوازع الديني والأخلاقي عن العلاقة الزوجية .
كفى من إهانة المرأة دعوة من الغرب؟
السباحة ضد هذا التيار المهين للمرأة لا يمكن أن يضعنا خارج الحداثة ولا العصرنة، بل يدخل في إطار الفعل الحضاري المصحح للأوضاع المقلوبة والمنبه لخطورة تسليع المرأة ويكشف سوءات الإعلام الإمبريالي القائم على الاستغلال، وهذا التيار المناهض لتشويه وظيفة المرأة في كل قنوات التواصل الجماهيري من خلال الإشهارات أو من خلال توظيف النساء في الدعارة المقنعة بالفن أو غيره تتبناه أيضاً فاعليات نسائية متعددة في الغرب ظل صوتُها خافتاً بفعل التعتيم المضروب عليهن من طرف أباطرة المال والجنس المتنفذين في الإعلام، لكن مع ازدهار التواصل بالإنترنت استطاعت صيحاتهن أن تصل، نساء يستنكرن بعناد وغضب الوضع الاحتقاري ويتشكلن ضمن هيئات وجمعيات عالمية ومجموعات للضغط من أجل هدف واحد هو القضاء على تعهر المرأة في دواليب الإعلام وبالأخص في الإعلانات، من ضمن هذه الجمعيات جمعية وجمعية RAP وجمعية والجمعيات المذكورة مقراتُها في فرنسا وغيرها كثير ما فتئ يتضاعف في أوروبا وأميركا، وأساليب عملها متنوعة من التظاهر إلى الاحتجاج بالبيانات وبالدعوة إلى الامتناع عن شراء المنتوجات المعروضة بالإعلانات الجنسية·
إعلامنا المستلب يتنافس في تأثيث فضاءاته بالمرأة التي يشترط فيها أن تكون قادرة على لإنجاح البرنامج· وصحافتنا النسائية غارقة حتى الأذقان في الذي لم تسلم منه حتى الهوية، بل إن الكارثة أن الإعلام العربي يعاكس هوية المرأة المسلمة التي من أبرز سماتها ، وهي هوية يتشبث بها حتى اليوم ملايين النساء في الشرق، لكن مجلاتنا النسائية تمارس مهمة بالوكالة· أما الحركات النسائية العلمانية الرائدة في مجال انتقاد شرائع الإسلام وآدابه، فتتناول باحتشام وتردد موضوع استغلال النساء في الإعلام وإصراره على جعلهن أداة للمراودة الجنسية في الشارع والمكتب والمصنع، إذا كانت المبررات الإنسانية والحضارية دفعت بنساء غربيات لمجابهة قوى الإباحية وفضح التناقض بينها وبين مواثيق حقوق الإنسان المؤكدة على أن الاتفاقية المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (1979) المادة (6)، فإننا نملك إضافة إلى ذلك، المبررات الدينية والأخلاقية التي سواء تعد من أهم مكونات ثقافة مجتمعاتنا ، لكي نقف في وجه النخاسين الجدد ، ولا ضير أن نتعاون مع ذوات الضمائر الحية في العالم للمطالبة بمرجعية أخلاقية للإعلام العربي، ولنبشر العالم ببديل آخر أكثر رقياً تدخل فيه المرأة الإعلام كباحثة وصحفية وكاتبة وفنانة محترمة ومربية أجيال ورائدة في كل ضروب الإبداع بحرية ومسؤولية من دون أن تكون مضطرة لتقديم قرباناً في رحلة مرهقة تنتهي بوضعها خلف الكاميرا أو الاستغناء عن الخدمات عندما يذبل بريق الجسد··· فهل يكون لنا هذا السبق الحضاري؟ فمتى تكسر المثقفات العربيات والمسلمات جدار الصمت ضد النزيف الأنثوي في دهاليز الإعلام؟
هكذا تجد البشرية نفسها وجهاً لوجه أمام ثقافة جامحة مرجعيتها هي مصلحة السوق بدل الدين أو العقيدة أو الضمير أو الأخلاق أو حتى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وإذا كانت تلك المرجعيات معترف بها من الناحية النظرية، لكن تتم التضحية بها بشراسة في لحظة لو سارت في اتجاه معاكس مع الربح، كأن تحدث خللاً في أسهم البورصة أو تخفض معامل المبيعات·من هنا يمكن أن نفهم التناقضات العميقة والصادمة في القيم الغربية، فإلى جانب أروع صور التكريم للإنسان تقف أحد أنواع إهانته واستعباده وفي السياق نفسه، نلاحظ أنه مع أرقى صور احترام المرأة وإعطائها كل فرص المشاركة تقف صور أخرى تجسد أحط أنواع استرقاقها، وداخل هذا الإطار الفلسفي النفعي يمكن أن نحلل صورة المرأة في الإعلام·
إذا كان الإعلام خاصة المرئي منه قد فتح ذراعيه للمرأة واستقطبها بقوة فإن السؤال الملح الذي يطرح نفسه هو:
هل كان ذلك بدافع التمكين للنساء؟ ثم تتداعى تبعاً لذلك أسئلة أخرى، في أي اتجاه وظفها؟ كيف يقدمها للمشاهد أو القارئ ثم كيف يبني المجتمع تدريجياً تصوره الجديد عن المرأة؟·
استقراء يومي بسيط لصورة المرأة في الإعلام يؤكد نمطية هذه الصورة التي قذفت بها العولمة خارج أسوارها الأصلية في الغرب، فتكاد جميع قنوات الإعلام الدولي تتفق ضمناً على مشروعيتها، وقد تم اختراق المشهد الإعلامي العربي والإسلامي مع انتشار الفضائيات ليفرض هذا الأنموذج المعلوم نفسه بعنف على المشاهد· وهكذا لم يعد هناك حد فاصل مميز بين صورة المرأة في الإعلام الغربي المستوحاة من مجلات الإباحية وبين نظيرتها في الإعلام الغربي، لقد عملت هذه الصورة على رسم معادلات جديدة ومفاجئة تسيج علاقة المجتمع بالمرأة في ثلاث دوائر منفصلة بعضها عن بعض فهناك المرأة الجسد من جهة، والمرأة الأم والزوجة من جهة أخرى، والمرأة العاملة من جهة ثالثة، والانفصال التام بين هذه الدوائر وبالتالي الأدوار المنتظرة منها كان وراء التخبط والتناقض الذي صار يعاني منه الوعي العربي والإسلامي حيال نظرته لدور المرأة في المجتمع، فلا الحداثة العلمانية استطاعت أن تثبت كفاءة المرأة من دون أن تمتطي فتنة جسدها، ولا الحركات الإسلامية حسمت خلافاتها حول ضرورة مشاركتها في الحياة العامة من دون الخوف عليها من الامتهان والابتزاز، وفي جميع الحالات يكتسح المد الغربي المجال مفصلاً لنا على مقاس إعلامه دور المرأة في الحياة من خلال صورة ندرج بعض مواصفاتها· في كل وسائل الإعلام حيث يكون التماس مع جسد المرأة أكثر منه مع عقلها وفكرها، وإبداعاتها وتستحضر الأنثى في بعدها الغرائزي كمادة للفرجة والإثارة ، بينما الواقع يحفل بأدوار أكثر تنوعاً وعطاءً من تلك الأدوار المبتذلة التي تحاصر المرأة مع سبق الإصرار والترصد داخل السوق·.
إن الباحث مهما حاول أن يكون موضوعياً ويلغي قناعاته المسبقة ويشتغل بأدوات محايدة، فإنه للأسف يصل إلى خلاصة مفادها أن الإعلام العولمي يلعب دوراً طلائعياً في طمس الأدوار الحضارية للمرأة طمساً ممنهجاً يقوم على القهر وقلب سنن الطبيعة وفرض رؤية وحيدة تجعل المجتمع الإنساني لا يرى في المرأة إلا مشروعاً جنسياً مشاعاً عبر الصورة ثم يتجسد ذلك عبر شبكات العلاقات الاجتماعية اليومية، وهذه فعلاً هي العقيدة الذكورية في أحط مستوياتها، وهي عقيدة غربية الجذور والمنشأ والتطور، وتشكل ارتداداً بالإنسانية إلى الخلف ضد أعلى حقوق الإنسان والأعراف والأديان السماوية·
الأنموذجات النسائية المتوجة في القرن الواحد والعشرين·
الأنموذجات النسائية التي يتم تسويقها وإبرازها كمثل أعلى للمراهقين والمراهقات هن الممثلات وملكات الجمال ، وكلهن حاملات لرسالة الجسد بامتياز واحتراف، وبفعل التلميع الإعلامي لهن تتم قولبة أذواق الأجيال وتسطيح طموحاتها في الوقت الذي تخدَّر عن مشكلات شعوبها من أمية وفقر واستبداد واستعمار ونهب لثرواتها، بالمقابل يتم تهميش المبدعات والرائدات في مجالات إنسانية اللواتي أكثر إشراقاً وهن موجودات لكن التعتيم الإعلامي المضروب حولهن عرض إنتاجهن للكساد، بل حتى الصحافة النسائية المتخصصة لا تقدمهن بالإلحاح نفسه والإبهار اللذين تقدم بهما ملكات الجمال أو الفنانات·
والصورة التي نحتها الإعلام المذكور في العقل الباطن للمجتمعات العربية والإسلامية تفجرت على شكل إصابات جسمية في الفكر والسلوك معاً
نذكر منها:
في المجال العام:
ـ التسطيح الثقافي للأنثى التي أصبح همها أن تكون جميلة وكفى، مهما كلفها ذلك من جهد ومال وركض محموم وراء التقليعات التي لا تنتهي والرابح الوحيد في هذا السباق هو الرأسمالية الغربية المحتكرة للعطور والمكياج وجل أدوات الزينة، بل حتى النساء المثقفات يقعن في الفخ، حيث لابد للإغراء أن يشكل في زاوية ما حلقة من حلقات الارتقاء والنجاح والقبول في المجتمع، وعليه تطلع علينا الصحفيات المقتدرات مهنياً عبر التلفاز كغانيات المراقص حريصات على إبراز مساحة عريضة من الصدر، أو جزء من الثدي، وبوجه فيه كل ألوان الطيف، بينما يقف زميلها الرجل إلى جانبها بلباسه السابغ الساتر، لتعكس الآية في فضائيات يفترض أنها في امتلاك دول مسلمة،
أما في المجال الأسري الخاص
فهناك اضطراب في علاقة المرأة بالرجل داخل مؤسسة الزواج، فكل امرأة مهما كانت جميلة لا يمكن لها أن تجمع درجات الإثارة المبثوثة في مئات من غانيات الفضاء، وتشتد الأزمة عندما يغيب الوازع الديني والأخلاقي عن العلاقة الزوجية .
كفى من إهانة المرأة دعوة من الغرب؟
السباحة ضد هذا التيار المهين للمرأة لا يمكن أن يضعنا خارج الحداثة ولا العصرنة، بل يدخل في إطار الفعل الحضاري المصحح للأوضاع المقلوبة والمنبه لخطورة تسليع المرأة ويكشف سوءات الإعلام الإمبريالي القائم على الاستغلال، وهذا التيار المناهض لتشويه وظيفة المرأة في كل قنوات التواصل الجماهيري من خلال الإشهارات أو من خلال توظيف النساء في الدعارة المقنعة بالفن أو غيره تتبناه أيضاً فاعليات نسائية متعددة في الغرب ظل صوتُها خافتاً بفعل التعتيم المضروب عليهن من طرف أباطرة المال والجنس المتنفذين في الإعلام، لكن مع ازدهار التواصل بالإنترنت استطاعت صيحاتهن أن تصل، نساء يستنكرن بعناد وغضب الوضع الاحتقاري ويتشكلن ضمن هيئات وجمعيات عالمية ومجموعات للضغط من أجل هدف واحد هو القضاء على تعهر المرأة في دواليب الإعلام وبالأخص في الإعلانات، من ضمن هذه الجمعيات جمعية وجمعية RAP وجمعية والجمعيات المذكورة مقراتُها في فرنسا وغيرها كثير ما فتئ يتضاعف في أوروبا وأميركا، وأساليب عملها متنوعة من التظاهر إلى الاحتجاج بالبيانات وبالدعوة إلى الامتناع عن شراء المنتوجات المعروضة بالإعلانات الجنسية·
إعلامنا المستلب يتنافس في تأثيث فضاءاته بالمرأة التي يشترط فيها أن تكون قادرة على لإنجاح البرنامج· وصحافتنا النسائية غارقة حتى الأذقان في الذي لم تسلم منه حتى الهوية، بل إن الكارثة أن الإعلام العربي يعاكس هوية المرأة المسلمة التي من أبرز سماتها ، وهي هوية يتشبث بها حتى اليوم ملايين النساء في الشرق، لكن مجلاتنا النسائية تمارس مهمة بالوكالة· أما الحركات النسائية العلمانية الرائدة في مجال انتقاد شرائع الإسلام وآدابه، فتتناول باحتشام وتردد موضوع استغلال النساء في الإعلام وإصراره على جعلهن أداة للمراودة الجنسية في الشارع والمكتب والمصنع، إذا كانت المبررات الإنسانية والحضارية دفعت بنساء غربيات لمجابهة قوى الإباحية وفضح التناقض بينها وبين مواثيق حقوق الإنسان المؤكدة على أن الاتفاقية المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (1979) المادة (6)، فإننا نملك إضافة إلى ذلك، المبررات الدينية والأخلاقية التي سواء تعد من أهم مكونات ثقافة مجتمعاتنا ، لكي نقف في وجه النخاسين الجدد ، ولا ضير أن نتعاون مع ذوات الضمائر الحية في العالم للمطالبة بمرجعية أخلاقية للإعلام العربي، ولنبشر العالم ببديل آخر أكثر رقياً تدخل فيه المرأة الإعلام كباحثة وصحفية وكاتبة وفنانة محترمة ومربية أجيال ورائدة في كل ضروب الإبداع بحرية ومسؤولية من دون أن تكون مضطرة لتقديم قرباناً في رحلة مرهقة تنتهي بوضعها خلف الكاميرا أو الاستغناء عن الخدمات عندما يذبل بريق الجسد··· فهل يكون لنا هذا السبق الحضاري؟ فمتى تكسر المثقفات العربيات والمسلمات جدار الصمت ضد النزيف الأنثوي في دهاليز الإعلام؟
لا يوجد حالياً أي تعليق